Thursday, March 3, 2016

الصراع ضد حرية الجسد

حرية المرأة و حرية الجسد

صراع السيطرة على الجسد 

فى البدء كان الرجل والمرأة عرايا فى البرية , متساويان فى حرية الجسد وحرية الحياة , متعادلان فى تحمل المسؤلية والكفاح اليومى , هكذا كان المرأة والرجل متساويان منذ القدم , بما فى ذلك من مميزات وبما فى ذلك من مسؤليات , وكما قلنا من قبل كانت العلاقات الجنسية بينهم علاقات مشاعية ليس لها ضابط سوى الإختيار والقبول , وبالطبع لا يجوز مبدأ الإختيار والقبول إلا بين الأكفاء المتعادلين والمتساوين تمام التساوي.


لكن مع الوقت حاول الرجل إخضاع المرأة إلى طاعته والإرتفاع عليها درجة , وتمكن من هذا بفضل إنشغالها على أولادها , ربما كان عطفها على الصغار هو نقطة ضعفها التى أخضعت المتساوييّن لسيادة أحدهما على الآخر , فبدا الرجل يوليها بالرعاية هى و أبنائها فى مقابل الطاعة والإمتلاك , ثم مع الوقت أصاب الرجل شعور بأن المرأة حقاً من ممتلكاته الخاصة , ممتلكاته التى يملكها ملكية خاصة ويرفض ان يقترب منها أحد وأعتبر جسمها ملكية له ولإمتاعه هو فقط , فلا يقبل أن تقيم علاقة مع غيره تحت أى مسمى , ولكن هو ليس ملكها فما المانع فى أن تتعدد زوجاته ؟! وما المانع فى أن يكشف من جسمه ولا يبالى ! فجسمه لا يملكه أحد سواه.


بعد أن صدقت المرأة هذا الرجل المغرور وأقتنعت بأن اهم ما تتميز به هو جمال جسمها فهو كنزها وهو ما يضمن لها حماية الرجل وإعانته لها ولأبنائها , فقد أصبح من المهم أن تتشدد فى مخبأها لترضى هذا الرجل , الذى يريدها ملكا له هو فقط , ولكن له هو الحق أن يتعامل مع جسده كشئ عادى لا يتوجب عليه تخبئته لأنه شئ طبيعى , فصار جسم الرجل فقط يعامل كجسم طبيعى ولا يعتبر كشئ فى ذاته , وليس ملك امرأة بعينها بل ملكه هو فقط , يمنحه من يشاء ويمنعه عن من يشاء , ولذا لا يهتم بنظرة الطامعين به , ولا يطيل الوقت فى تزيينه , ومن ثم ضاعت حرية المرأة حين تقبلت ضياع حرية الجسد , فمن هنا كانت بداية العبودية لها , ومن هنا يمكن زوال تلك العبودية.

إذن إن الأصل فى الأمر هو الحرية , حيث من حق المرأة كما الرجل التصرف فى جسمه كما يشاء , لكن مع الوقت تغير الأمر , فنجد الأن تغير كبير فى مفهوم و تطبيق حرية الجسد , وهذا التغير ما هو إلا بقايا أفكار أجدادنا السابقون , الذين مُلئت رؤوسهم بأفكار تناسب زمانهم ولا تناسب زماننا الأن , ومن هنا يمكننا القول بأن حرية المرأة بل وحرية الأنسان مرتبطة بحرية هذا الجسد المغلف من أجل التجمل أو محاولة التحضرو الرقي.

إن ملابسنا قد أخترعها الأقدمون لتكون زينة تدل على رفاهية مجتمعاتهم , فنجدهم فى التاريخ القديم قد صنعوا بأنفسهم قيودهم , فكلما خرجت أمة من جنة العري كما سماها " ويل ديورانت " ودخلت ألى قيود هذه الملابس , تسلسلت بها وأحاطتها من كل جانب , فما عرفت بعدها العودة إلى الحياة بطبيعتها وتناغمها.


إن هناك من يكلمنا عمّا تسببت به هذه الملابس من فصلنا عن الطبيعة الأم , ولإثبات هذه الفكرة عليك تجربة أن تسير حافياً دون حذاء و دون تصنع ببساطة تسير حافياً ملامساً للأرض , فستجد حينها فارقا كبيرا حين تلامس قدمك الأرض ملامسة مباشرة وتحس بنبضها وحرارتها , ستجد فارقا حين تعود لإرتداء حذائك وتمنع جسمك عن خاصية التواصل مع هذه الطبيعة فلن تشعر بهذا التقارب الذى قد كان.

إن جسدنا الحُر من الملابس هو جسد أصدق فى تواصله بالحياة , وبيوتنا البسيطة البناء أقرب لملامسة الطبيعة و أصدق فى التواصل مع الحياة , وهكذا أيضاً فأن إقامة العلاقات الجنسية فى الهواء لهو أقرب ما يكون إلى ملامسة تلك الحياة فى تدفقها و طبيعتها و بساطتها , وهكذا فإن حرية الجسد  _ و خاصة حرية جسد المرأة _ هو مفتاح عودتها لمكانتها الطبيعية , ومفتاح عودتنا لملامسة الطبيعة وتدفق الحياة !



للتواصل مع الكاتب .. من هنا



No comments:

Post a Comment