Sunday, February 28, 2016

الكبت داخل العلاقات الأبدية

الزواج و كبت الرغبات الجنسية

العلاقات الأبدية و الفتور الجنسي 



تكلمنا فى المقال السابق عن الحب المتغير بطبعه و الزواج الذى يعتمد على تثبيت الأوضاع والأمور و أكتشفنا أنهما حالتين متضادتين تماماً بل وعلينا أن نفهم بوضوح , أن الزواج هو المضاد للحب , وإن كان بعضهما قائم على الآخر فى بداية الأمر , لكنه سرعان ما ينقلب ليصبح الطرفين ضدين مختلفين تماما.


وقد أدركنا أيضا أن العلاقة الجنسية هى قوام الحب الأكبر ودعامته الأولى , والرغبة الجنسية بطبعها متغيرة وسريعة الهرب , وعمرها وأن طال قصير , لذا فالحب أيضا وأن طال عمره فله نهاية كما له بداية.


ولكن الزواج يعتمد على أفتراضية أن الحب قائم إلى الأبد , وهذا كلام رومانسى وغير واقعى تنفيه التجارب , لذا نستغرب هذا الزواج الأبدى الذى نراه فى حياتنا اليومية , ويقنعنا أصدقائنا بفائدته , ربما كانت له فوائد فى خلق مجتمع أسرى صغير يحتوينا حين تنسحب الحياة من عروقنا تدريجياً , ربما يخلق الزواج لنا أسرة تحمينا من برد الوحدة وأمطار الإحساس بالفراغ , لكن هذه ليست أسباب للحب الرومانسى , بل هى أسباب تدعم حب العشرة والأخوة والصداقة ويأتى تلبية لغريزة الجماعة , أو ما يعرفه علماء النفسى بأن " الأنسان كائن أجتماعى بطبعه " , لذلك حين يميل الإنسان للزواج فهو يلبى حاجات إجتماعية وحب أخوى ليس له علاقة بالحب الرومانسى الذى ندّعى أنه هدفنا عند الزواج , بل ودعونا نقول بوضوح لأنفسنا , أن هذه الإحتياجات الأجتماعية يمكن أن نلبيها بالصداقة وبدون الزواج , لذا أين الفائدة التى تعود على المحبين من الزواج ؟!


نعم يمكننا أن نشبع حبنا للتجمع فى أسرة تحيطنا و نلبى هذه الرغبات الإجتماعية بعلاقات شتى غير هذا الزواج , كل ما فى الأمر أن الإنسان لم يتحرر بعد من عادات الماضى البشرى الذى كان يقوم على خيالات رجال الدين ودعواهم حول حرمانية الإنفتاح الجنسى وحرمانية مباهج الحياة ليجعلوها فقط أحلام للدار الآخرة أو لحياة خيالية بعد الموت , والسؤال إن كان هذا الإنفتاح الجنسي شئ ضار لماذا جعلته احدي الديانات من متع الجنة ؟


ربما تكون فائدة الزواج فى الإنجاب وتربية الأطفال , لكن الإنجاب لا يشترط الزواج بل يشترط فعل علاقة جنسية _ و إن لم تكن مبنية على حب أورغبة قوية أصلا _ فقط هى نتيجة طبيعية لعملية بيولوجية بسيطة وغير معقدة , أذا الإنجاب هو آخر سبب لوجود الزواج.


ربما تكون تربية الأبناء هى السبب , ولقد قلنا فى مقال سابق أنه لم يكن لدى أجدادنا ما لدينا من إمكانيات لمنع الحمل وتنظيم عدد الأطفال , ورغم ذلك لم يمنعهم هذا من الإستمتاع بتدفق الحياة ومن إعتبار نظام المشاعية الجنسية كنظام معترف به فى تنظيم هذه الأمور , وقد كانت الأطفال هنا هى أطفال القبيلة كلها , والأم هي المسؤل الأول عنهم , حيث ينسب الأطفال ألى أمهاتهم , وتشرف القبيلة كلها على تربيتهم.


دعونا نعترف أن تربية الأبناء إلى الأن تفتقد وجود تعريف صحيح لها , لأن الأباء والأمهات غير متخصصين فى ذلك , فماذا لو قام بتربية الأطفال متخصصون ؟ , وكانت علاقة الأبوين بالطفل علاقة رعاية من وقت لآخر , وهنا يتمكن الأبوين من الأستمتاع بالحياة بحرية , وتتم تربية الأبناء تربية علمية صحيحة _ أنا لا أخذكم إلى فكرة أفلاطون عن مشاعية الأبناء _ لا أطالب بنكران الأب والأم لأبنائهم , إنما أتحدث عن كيفية الوصول لعلاقة متوازنة بين التربية العلمية على أيدى متخصصين , وبين علاقة التواصل بين الأباء والأبناء.


فى كل الأحوال دعونا نقول أنه لن تكون تربية الأبناء هى سبب طبيعى فى إستمرار الحياة الزوجية , لأن ما سيعانيه الطرفين من كبت , حين تنطفئ شعلتى الجنس والرغبة المتوهجة , حين تخمد نار الحب ويستبدل بالشعور بالحبس والقيود , كل هذا ينعكس على العلاقات اليومية فتتحول إلى غضب مستمر كافى أن يدمر الأطفال.


إن السبب الوحيد الممكن تفسيره لنا هو الناحية الإقتصادية , فقد ظهر هذا الزواج الأبدى مع بداية ظهور المجتمع الزراعى خصوصا كى يحافظ على قوام الأسرة التى هى وحده إنتاجية متكاملة للمجتمع , وهكذا أصبح الطلاق تهديدا للمجتمع ككل , هذا المجتمع الذى أقحم أنفه فى علاقات الأفراد , وأقتحم علاقة قوامها فردين , ومن هنا ازدادت شبكة العادات تعقيداً حيث أعطى المجتمع للزوجين ما يحتاجونه من حبال وقوانين ليخلق كلُ منهم حول الآخر وحول نفسه عقدة من القيود متكاملة الأركان لا يمكن الفرار منها , ومن هنا ظهر ما يمكن تسميته  " بالزواج الأبدى ", أى زواج إلى مالانهاية , ولكن السؤال الأهم هنا هل هذا الزواج الأبدى يعمل فى صالح الإنسان الفرد أم يعمل فى صالح الجماعة وقوانينها فقط لا غير؟!


بل وتشتد حدة السؤال حين يضاف له أن البشرية قد إنتقلت من المجتمع الزراعى المعتمد على الأسرة كوحدة أنتاجية , إلى عالم الصناعة , ومجتمع يتميز بفرديته , أى يتميز بأن وحدة إنتاجه تتكون فى الفرد ذاته وليست العائلة , فالعامل يعمل وحيداً لا يعمل معه أبنائه وزوجته , وهذا ما جعل الشباب يؤخرون أعمار الزواج فى الفترات الأخيرة من عمر البشرية ( بناء على رغباتهم ) , وهنا يأتى السؤال ثانياً , هل الزواج لمصلحة الإنسان الفرد؟ أم هو نظام عفى عليه الزمان ومر؟


ربما يجب علينا الأن أن نفتح الباب على دفتيه لعلاقات جنسية مفتوحة , نعم علاقات سريعة متحركة متقلبة كما الحياة , علاقات ترفض الثبات والتقيد والأبد , فالحياة لا تعرف التقيد والثبات ولا تقبل بوضع واحد للأبد , دعونا نستمتع بعلاقات تستقبل طاقتنا ورغبتنا فى الحياة , علاقات تشعل مشاعر الحب المتقلب داخلنا , لتكون الإبتسامة المصاحبة لهذا الحب وهذه الرغبة الجنسية هى عنوان حياتنا والغالب عليها , وهكذا دوما دعونا نفكر ونتناقش , ولنا لقاءات اخرى .. نتمنى ان تشاركونا أراؤكم و نسعد بكل مناقشاتكم ..




للتواصل مع الكاتب .. من هنا  


No comments:

Post a Comment